يبلغ ارتفاع جبل علبة 1437 متراً، وذلك يجعله أبعد ما يكون الأعلى بين مجموعة الجبال المطلة على البحر الأحمر؛ غير أنه – ونتيجة لصفاته الفريدة – يعد أهم موطن للحياة النباتية والحيوانية في مصر؛ كما أنه بمثابة الركيزة لمحمية جبل علبة، التي تفترش مساحة خمسة وثلاثين ألفاً وستمائة كيلومتر مربع، في أقصى اتجاه الجنوب الشرقي من مصر.
ومع أن متوسط هطول الأمطار في منطقة جبل علبة لا يزيد عن خمسين ملليمتراً، غير أن موقع الجبل في مواجهة البحر، وارتفاعه، يعملان على زيادة معدل الهطول إلى 200 مم في أعالي الجبل، إذ أن الرطوبة القادمة مع الهواء من جهة البحر الأحمر تتكاثف عند ذروة الجبل، وتتحول إلى مياه.
وينحني خط الساحل عند منطقة جبل علبة، في اتجاه الشرق، لتتسع مساحة الجبهة المواجهة للبحر عند هذه المنطقة، في هيئة قطاع من الأراضي المنبسطة، يتراوح اتساعه بين 20 و 25 كيلومتراً. أما الجبل ذاته، فهو كتلة متقطعة بواسطة عدد من الوديان الصغيرة، التي تتجمع في أودية أكبر، تفضــي لأسفل، إلى السهول. ومن هذه الأودية الكبيرة، وادي ( يحميب YAHAMEIB )، ووادي ( عِـدَيِّــــب )، اللذان ينتهيان عند الجناحين الشمالي والشمالي الشرقي لجبل علبة، على الترتيب؛ وفي امتداداتهما السفلية، تتكون عدة أدغال كثيفة من شجر الســـنط، تنمو معتمدة على المياه القليلة، التي تأتيها من أعلى. أما في الناحية الجنوبية، فينشأ واد رئيسي آخر، هو ( وادي صرماتي SERIMATI )، ويميزه تجمع مكشــوف من السنط.
إن الحياتين النباتية والحيوانية في هذا الجبل تتأثران بكمية المياه المتاحة؛ وفيهما تتبدى أعلى مظاهر التنوع، مقارَنـةً بأي منطقة أخرى في مصر مساوية لها في المساحة؛ فيدهشك أن تجد في جبل علبة عدداً من أنواع الكائنات الحية لا تجده في أنحاء أخرى من مصر، وهي أنواع تنتمي للإقليم الأفريقي الاستوائي، الذي يمثل الجبل أقصــى حدوده الشمالية. فأما الحياة النباتية، فتتكون من حوالي 500 نوع، بينها أنواع من النباتات اللازهرية ( سرخســيات وأشـــنات )، وهي شائعة إلى حد ما في المناطق المرتفعة من الجبل؛ ومنها أشجار ( أنوجراما ليبتوفيــــللا ) Anogramma leptophylla الطرية، التي تنمو في الصدوع الصخرية الظليلة؛ والنبات السرخسي الشهير، المعروف باسم ( كزبرة البئر )، المميز بسيقانه السوداء الصقيلة، وأوراقه السعفية اللينة. إن هذا النبات السرخسي الصغير ينمو في جوار الماء، بالمناطق الدافئة وتحت المدارية، وله استخدامات صيدلانية، فكان الإغريق القدامى يعالجون به السعال. ومن النباتات ذات النشأة المحلية بالمنطقة، نوع واحد هو ( الصُـــفرة )؛ كما أن جبل علبة هو الموطن الوحيد في مصر لشجرة الأومبيت OMBET ، واسمها العلمي دراسينا أومبيت Dracaena ombet ، التي تنتشر على منحدرات هذا الجبل. والأومبيت شجرة صغيرة إلى حدٍ ما، ذات صلة بنوع ( شجرة التنين ) Dragon Tree ، الشهيرة التي تعيش في الشرق الأقصى؛ وهي تتخذ مظهراً خلاباً حين تتفتح أزهارها العنقودية ذات اللون القرمزي، فوق أوراقها ذات النصال الحادة، الشبيهة بالسيوف.
أما العظاءة ( السحلية ) عين الثعبان ، ذات الألوان الملفتة للنظر، فقد كان الظن قديماً أنها نوع محلي النشأة، قاصر على جبل علبة، غير أنها وجدت مؤخراً في شبه الجزيرة العربية. إن انتشار هذه العظاءة في مصر مقصور على جبل علبة، مثلها في ذلك مثل ضفدع ضفدع دودسون، أو ضفدع جبل علبة. كذلك، ينتشر بالمنطقة نوع من الحيات الرقطاء، هو منشارية القشور Saw-Scaled ، واسمها المحلي ( حية غريبة سمراء ).
ومن اللبونيات الأرضية بالمنطقة، الظربان الأفريقي ، Ictonyx striatus ، وذئب الأرض Proteles cristatus ؛ وهمـــــــــا ينتميـــــــان للإقليم تحت الصحراوي. أما الكبــش المغربي Barbary Sheep ، فقـــد كــــــان المعتقد أنه لا يوجد خارج نطاق الصحراء الشرقية، إلى أن ثبت وجوده مؤخراً في منطقة جبل علبة. كذلك، وفي الآونة الأخيرة، شوهدت آثار أقدام حديثة للنمر Panthera pardus pardus .
الجدير بالذكر، أن منطقة جبل علبة قد أُدرجت مؤخراً في قائمة Birdlife International ، كأحد المواطن الهامة للطيور (IBAS) ، في مصر؛ وذلك لوجود عدد كبير من أنواع الطيور المتوالدة هناك، ينتمي جانب لا بأس به منها للإقليم الأفريقي الاستوائي، وجانب آخر هجر مواطنه الأصلية في شمال أفريقيا والشرق الأوسط، واستقر بالمنطقة؛ وأبرز هذه الأنواع، ذلك المعروف باسم الدقناش وردي الصدر، وهو غير معروف بمصر إلا في منطقة جبل علبة.